الخميس، 15 يوليو 2010

الوارثون

كان للرئيس الراحل حافظ الأسد السبق في موضوع التوريث ويرجع الفضل الكبير له في إشعال فكرة تولي الإبن منصب رئاسة الجمهورية خلفا لأبيه في العديد من البلاد العربية التي قامت فيها ثورات
وقال الأخوه في سوريا أنه كان يجهز إبنه الراحل باسل الأسد ولكنه توفى في حادث
فما كان له إلا أن يقوم بتجهيز ابنه الثاني الدكتور بشار الأسد لكي يكون هو خليفته في حاله وفاته وهو ما تحقق بالفعل
فما ان توفى حافظ الأسد حتى جاء تعديل للدستور في سوريا قبل دفنه حتى يتمكن بشار من الجلوس على عرش سوريا خلفا للوالد
كانت الفكره غريبه بعض الشيء على الناس خاصة في مصر
أتذكر أنه عندما تولى بشار الأسد الحكم في سوريا اخذ الناس في مصر يسخرون من السوريين وبشده على ما حدث هذا من توريث إجباري للحكم
بل ذهب الناس إلى أتهام الناس لأخوانهم في سوريا بانهم ليسوا رجالا
فكيف يرضى الشعب أن يصبح "قرطاس" يفعل فيه الجميع ما يشاء
قلت لهم وقتها ألا يمكن حدوث ذلك الأمر في مصر؟
قالوا لي هذا مستحيل لأن مصر ليست سوريا !

ولو كانوا يعلموا الغيب لما تحدثوا بهذا الحديث
بعدها بفتره أخذ كل رئيس بلد من البلاد التي قامت بثورات لنزع الملكية والحضور بالجمهورية إلى تجهيز الخليفه وبشرط يكون الإبن للرئيس الحالي
ففي مصر تم معرفة الرئيس القادم من الآن وقبل وفاة الرئيس مبارك
ولن يمنع حدوث هذا إلا قضاء الله لو حدث وتوفى جمال مبارك فجأه
عندها ستكون كارثه لأن الجميع - عامل حسابه- على ان جمال هو وريث الحكم ويتم التجهيز لذلك من سنوات قليله منذ ان بدأ نجمه في السطوع داخل الحزب الحاكم في مصر

وفي ليبيا
هناك سيف الإسلام القذافي إبن العقيد معمر القذافي
عندما تشاهد البرامج الحوارية في الفضائيات وتستمع إلى برنامج شكاوي تجد الناس يوجهون الرسائل إلى سيف الإسلام لكي يقوم بحل مشاكلهم او التوسط من اجل الوصول إلى حل
ومعروف داخل ليبيا - من الآن- ان سيف الإسلام سيكون الرئيس القادم لليبيا خلفا لوالده

وفي اليمن
هناك إبن الرئيس اليمني "محمد علي عبد الله صالح" قائد الحرس الجمهوري والذي دخل في معارك صعدة الطاحنه مع الأخ الغير شقيق للرئيس اليمني "علي الأحمر" -ولهذه الحرب قصه طويله لا مجال لذكرها الآن- وقيل وقتها أن احد أسباب هذه الحرب هو رغبة الرئيس في إبعاد الأحمر عن طريق الرئاسة وإفساح الطريق لإبنه
هذا يدور على ارغم من الكوارث التي تعيشها اليمن والتي تعاني من حروب اهليه وخطر الإنفصال، ولكن هذا لم يمنع الرئيس من ان يحقق امله في ان يصير إبنه رئيسا لليمن في المستقبل

وفي الجزائر
الأخبار القادمه من هناك تقول ان "سعيد بوتفليقه" شقيق الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقه هو الرئيس القادم للبلاد
وهو استاذ فيزياء في كلية العلوم
قالوا أنه نجح في تصفية الجنرالات الأقوياء داخل الجزائر وجميع حسابات تصدير البترول والغاز الجزائري يكون على علم بها -ولا ادري إن كان هذا من باب العلم ام لكي ياخذ نصيبه من الصفقات- صحيح هو استاذ فيزياء، ولكنه له باع طويل في مجال المال والأعمال لكي يتمكن هو الاخر من السطو على هذا البلد الغني بالبترول (وللعلم الجزائر هي إحدى دول الأوبيك)، وهو يتدخل في الأمور السياسية للبلاد ومشكلة البوليساريو ويتقابل مع زعيم الانفصاليين في الصحراء المغربية ولا تدري بأي صفه يقابلهم ويتحدث معهم ومن قام بتفويضه في هذا الأمر!
وهو بذلك يفعل تماما كما يحدث عندنا عندما تجد ابن الرئيس يتحدث في امور غريبة وتبحث عن منصبه الذي يؤهله لكي يتحدث في مثل هذه الأمور فتتعجب من ذلك الحديث لأنه ليس بوزير أو رئيس وزراء ولكن هناك منصب جديد اسمه "ابن الرئيس"!

وفي تونس الأمر يكاد يكون مختلفا قليلا
فلم يرزق الله الرئيس زين العابدين بن علي بالأولاد
فماذا يفعل؟
سيترك الحكم لزوج إبنته الكبرى!
فهناك رجل الأعمال "فهد محمد صخر الماطري" زوج نسرين زين العابدين بن علي ومالك صحيفة الصباح التونيسية الشهيرة ولا استطيع أن اكتب ما يمتلكه في تونس من مشاريع وشركات خوفا من إطالة الموضوع لأن هذا يحتاج إلى موضوع منفصل
ولكن يكفي ان أقول لك أنه من مواليد 1980!!

وإن كان الرئيس الراحل صدام حسين على قيد الحياة والعراق كانت العراق التي كنا نعرفها سابقا ما تردد صدام في الأخذ بيد احد الأبناء من اجل الجلوس على عرش العراق
...
هذا ما يحدث حاليا في الجمهوريات العربية التي تتباهي بالثورات التي أفتعلتها ضد الملكية ويقيمون الإحتفالات والأعياد سنويا من اجل الإنتصار على الملكية والإتيان بالجمهورية من أجل الخلاص من سيطرة الملوك على موارد الشعوب!
لا ادري بأي نفس يحتفل هؤلا بأعياد الثورة في بلادهم
وتلاحظ أن جميع من سيقومون بوراثة الحكم في بلادنا العربية هم من رجال الأعمال
فكانت البداية مع أي إبن للرئيس أن ُيفسح الطريق له لكي يقوم بعمل بزنس عالي داخل البلاد وخارجها
ثم يستغل نفوذه في التحكم في الصفقات التي تدخل أو تخرج من البلاد والمتعلقه برجال اعمال آخرين
وبعد ان أصاب أولاد الرؤساء الملل من التجارة ووجدوا أن نفوذهم قد اتسع للغاية والثروة عندهم أصبحت غير عادية وقدرت بالمليارات من الدولارات فقالوا ولماذا لا نمسك بزمام الأمور داخل بلادنا ونصبح رؤساء مثل الآباء
وقد أستغلوا سيطرة الرؤساء على الجيش والشرطة وهما هي عصب أي بلد، بالإضافة إلى المجالس الشعبية والمحليه ورغبة الناس في عدم حدوث أي مشاكل وعدم إثارة أي بلبلة داخل البلاد في تنفيذ ما يريدون
بالفعل الشعوب لا تريد ثورات على الحكام لأنهم لا يريدون لبلادهم الفوضى وعدم الإستقرار
فنحن شعوب تعشق الإستقرار وتكره حدوث فوضى تؤدي إلى كارثة على البلاد
فكان الطريق ممهدا إلى التفكير في أخذ الحكم بالقوه على أعتبار أن جميع الظروف تسمح بتحقيق ذلك الحلم
لكن أغرب ما في الأمر أن جميع الرؤساء فكروا في هذا الأمر
ما من واحد فيهم فكر في شيء عكس ذلك أبدا
الكل أراد أن يكون لأبنه نصيبا من الحكم حتى يتركه وهو في أحسن حال -من وجهة نظره-
ولو كان كل رئيس يحب إبنه بالفعل لأبعد عنه تلك المصيبة المسماه "رئاسة الجمهورية" لأنها مسؤولية عظيمة وحسابها كبير أمام الناس في الدنيا ثم عند الله عز جل يوم القيامة
لكن على ما يبدو أن طمع الدنيا قد أصاب هؤلاء البشر بالعمى فأصبحوا لا يفكرون في أي شيء سوى كيفية السطو على المناصب الرفيعة داخل البلاد ولا مانع عندهم من عدم تحقيق العدل والمساهمة في ظلم الناس من أجل الوصول إلى هذا الغرض
وأخذوا في السعي لترسيخ هذا المبدأ منذ زمن عن طريق توريث أبناء الوزراء علية القوم داخل البلاد المناصب والنفوذ حتى يضمنوا أن يكون هناك جيلا ثانيا من المسؤولين مشابه تماما للجيل الذي يسبقه ويقومون بإزاحة من يمكن أن يقف "حجرا" في طريقهم جميعا وحتى يطمئن الكبار في مختلف مواقعهم على مستقبل أولادهم في وجود رئيس المستقبل فيقومون بتأييده وبكل قوه حتى يضمنوا لأولادهم السعاده والإستقرار الأبدي
ولهذا ظهر في عالمنا ما يسمى "بحكومات رجال العمال" لأن هؤلاء هم أبناء وأصدقاء وتابعين للكبار الذين كانوا يسهلون لهم الأمور سابقا في الإستيلاء على الأراضي وإدخال الصفقات المشبوهة إلى البلاد وغيره من الفساد المنتشر في الدول العربية
بالله
ليس عندي أعتراض على أحلامهم أبدا ولا على السطو على الحكم
ولكن انتم حققتم ما تتمنون في حياتكم فيجب أن تتركوا الناس تعيش في راحه
أمسك الرئاسة ولكن لا تترك الناس يعانون من مشاكل الصرف الصحي وعدم وصول المياة والفقر والمرض وصعوبة الحصول على العلاج وصعوبة التعليم
أمسك الرئاسة لكن أفعل شيئا للناس
كن رئيسا للجمهورية لكن أترك الناس تعيش بجانبك
لا تطمح انت أن تكون كل شيء وتترك آخرين لا يستطيعون تحقيق حلمهم البسيط في الحصول على وظيفة أو زواج او غيره
أنت حققت كل شيء وحصلت على كل شيء وتسعى للحصول على المزيد وستحققه
فأترك غيرك يعيش
هذا ما يريده أي إنسان يعيش في أي بلد
فقط يعيش