الخميس، 16 سبتمبر 2010

غباء القلم

ومنذ أيام تم تقديم الصحفي حمدي قنديل إلى المحاكمه بتهمة إهانة وشتم وزير الخارجيه لأنه قال في حقه مضمونا:
"انه مثل كيس الزباله الذي تتساقط منه القاذورات"
ولا ادري كيف للأخ حمدي قنديل -او عبد الحليم قنديل او مجدي حسين- لو قام احدا بفتح المكتب عليه وقام بسبه وشتمه أمام الناس وقال عليه ما قال فماذا سيكون رد فعله وقتها
ولا اعلم كيف يكون عندك وزير خارجية داخل بلدك ثم تقوم بتشبيهه بكيس الزباله
وما هو الإعجاز الذي يعجب الناس في أي صحفي يكتب مقالا يقوم فيه بشتم وسب رئيس الجمهورية -مثلما فعل مجدي حسين من فتره طويله حيث تطاول على زوجته وقال انه عميل للصهاينه وأنهم كانوا يقومون بتدريبه في روسيا في الخمسينيات وغيره من هذا الكلام الفاضي- ثم يظهر الناس ويعجبون بهذا الكلام ويعتبرون من كتبه بطلا قوميا ويقول الحق ولو على رقبته!
وبعد ان يتم محاكمة احدا من هؤلاء يظهر الناس ويقولون ان البلد فيها ظلم كبير للصحافه والصحفيين وان هناك قمعا للصحفيين داخل الأراضي المصرية

ولا ادري إن كان في عصرنا هذا رجل مثل صاحب هذه الصوره هل كان يمكن لي احد من هؤلاء ان يكتب كما يكتب الآن ام كان سيكون هناك تصرفا آخر من الطرفان

انا اعلم أن حمدي قنديل يقول على نفسه انه ناصري
فلا ادري إن كان يعلم من هو شعراوي جمعه أم لا
ولا أدري إن كان يدري ماذا كانت احوال الصحافه أيام جمال عبد الناصر ام لا
وهل كان يمكن وقتها ان يكتب هو -او عبد الحليم قنديل- لجمال عبد الناصر أنه سبب فشل مصر وضياع الأمه العربية ام لا، ولو كان كتب هذا ماذا كان سيفعل فيه عبد الناصر
وهل شيء مثل هذا كان مسموحا به وقتها أم لا
...
ويوم بعد الآخر نتاكد أنه من اطلق علينا شعوب "عالم ثالث" قد اكرمنا كثيرا بهذا الوصف لأنه لو هناك تصنيفا صحيحا لأصبحنا عالم رابع أو خامس أو لخرجنا نهائيا من التصنيف
قيل أن هناك حرية للصحافه وكل فرد له أن يكتب ما يشاء
ومن المفترض أنك -كرجل صحفي وكبير في سنك ومقامك- أن تحفظ قلمك وأن لا تستغل الفرصه وتقوم بالسب والشتم بشكل مستمر
وبما أنك رجل صاحب فكر ويقدرك الجميع فينبغي عليك أن تكون على قدر كبير من المسؤوليه،
فالبلد تحتاج إليك كرجل صاحب فكر متميز وتظهر في التليفزيون وتكتب في مختلف الصحف لأن التغيير لن يكون إلا بأمثالك
فأنا كمواطن مصري لن استفيد منك شيئا إن كنت داخل السجن وانت لن تفعل شيئا للبلد وانت داخله
ياليتك دخلت السجن في جريمه او ظلما
بل المؤسف حقا أن يقودك الغباء إلى أن تتعرض للمحاكمة وتدخل السجن عن طريق تطاول على شخصيات عامة كان من الممكن تفاديها بكل سهوله لو كنت انتقدت هذه الشخصيه بشكل عادي او بكلمات قاسيه بعيدا عن الشتم المباشر الذي يعجب الجمهور!
من المؤسف حقا ان نرى أناس نعتبرهم كتابا كبارا في موقف مخزي مثل هذا
ومن المؤسف ان نجد كاتبا كبيرا ينتظره الناس بين الحين والآخر ولا يعرف كيف يختار كلماته ولا أسلوبه
لماذا يكره الصحفيون المحاكمه؟
هل لأنك صحفي فهذا يكفي إلى أن تجد الحصانه في ان تفعل ما تشاء في اي وقت؟
والمطالع للعديد من الصحفيين الذين تم مقاضاتهم سيجد انهم كانوا يكتبون كلاما لا يليق ولا تصح كتابته على الإطلاق
بل أنه من الغريب ان يتم نشر مثل هذه الأشياء في صحف تُباع على الرصيف ليشاهدها الناس
هذا ليس حرية صحافه ولكنه تجاوز لحدود الأدب
هذه ليست حرية صحافه ولكن هذا اسمه غباء القلم
فما معنى ان تقول أن زوجة حسني مبارك والدتها إنجليزيه وليست مسلمه وغيره من الكلام الفاضي الذي لن نستفيد منه شيئا ولن يخدمنا في أي شيء
فما الذي سنكسبه عندما نعرف أن أم سوزان مبارك انجليزيه او والدها تزوج والدتها عن حب او كره
وما معنى أن تقول عليه أنك جبان وخائن في الصحف
وما معنى ان تتحدث عن وزير خارجية بلدك وتشبهه بأنه "كيس زباله"
وعندما يتعرض احدهم للمساءله يقول أنه ليس من المفترض أن يدخل الصحفي إلى ساحة المحاكم
فمن أعطى لك تصريحا وانت صحفي بأن تسب بحرية؟
هل هي حرية صحافه ام حرية سباب؟
وتطالبون بعدم حبس الصحفيين في قضايا النشر
الأولى بك ان تحترم نفسك اولا مع جميع الشخصيات ولا نرى سبابا وكلاما متخلفا داخل الصحف وبعدها تحدثوا عن حرية النشر
أحترموا انفسكم وأحترموا من يقرأ الصحف ولا تظنون انفسكم تجلسون على المقاهي وانتم تكتبون وبعدها طالبوا بحرية الصحافه

وياليتهم يتعلمون من الكاتب الكبير فاروق جويده
فهذا الرجل من يطالع ما يكتبه أسبوعيا في جريدة الأهرام سيلاحظ انه ياتي بفضائح وكوارث -وداخل جريده حكومية- وبالمستندات، ولكن ايضا كله "بالأدب" وفي حدود المعقول

تراه ينقد وينتقد الشخصيات العامة والمسؤوله في كل مكان بالدوله دون ان يسب او يشتم او يهين احدا إهانه شخصيه او يتعرض لزوجته أو يقول عليه كلام لا أساس له من الصحه
هكذا تكون الحريه وهذا واحد من الناس ممن يقدرون حرية الصحافة ويعلمون ما هي حدودها
اما الاخرين فاعتقدوا انك عندما تظهر في الصحيفه وتقول بشتم رئيس البلد بشكل مباشر فإنك بهذا الشكل تكون حرا
او انك عندما تقول على وزير الخارجيه أنه "صفيحة زباله" فإنك بذلك تكون قد اديت واجبك على أكمل وجه
ولم أرى له تصريحا عن وزير الخارجية السابق احمد ماهر الذي تم ضربه داخل المسجد الأقصى من جانب الأخوه في فلسطين، فيا ترى هل كانوا محقين فيما فعلوا ام لا

هذا في الوقت الذي لم أرى عربي واحد يكتب مقالا ينتقد فيه رئيس بلده أو يهينه أو يجرح فيه بسبب قضية فلسطين
ولم أرى عربي واحد يتصل في أي برنامج على الفضائيات وينتقد سلوك حكومته تجاه حصار غزه
ولم أجد عربي واحد يوجه الشتائم لرئيس بلده ووزير خارجيته وحكومته تجاه قضايا خارجيه (وأحيانا ولا قضيه داخليه)
فهذا الكلام لم يفعله غير المصريين
وأستغرب كثيرا عندما يتصل احد المشاهدين ببرنامج حواري -وهو عربي- ويكيل السباب والشتائم إلى حسني مبارك وكأن رئيس بلده لا يعيش معنا في الدنيا
الصحفيين والكتاب العرب يتصرفون بهذه الطريقه عندما يظهرون على القنوات الفضائية، يحملك أنت وحدك مسؤولية كل شيء بينما يترك رئيس بلده نائما في العسل ولا يوجه له أي نقد تجاه أي شيء وكان ما يحدث داخل فلسطين لا يخصه، أنا لا اطلب منك ان تكون مثله أبدا لأن مسؤولية مصر كبيره ومصر تعلم جيدا حجمها حتى لو هاجمها اخواننا العرب - كالمعتاد- ولم يضعوها في حجمها

فقط كن متوازنا في هجومك ولا تتعدى كلامك لتصل إلى التجريح، فوصف "كيس زباله" لا يوصف به وزير خارجية مصر، ولا تجعلوا الآخرين يقولون عنا اننا شعوب يجب أن ُتساق ولا تأخذ حريتها أبدا، فلا أطلب منك السكوت، ولكن عليك التحدث والكتابه بما يتناسب مع تاريخك ووضعك ككاتب كبير، ونحن سنتقبل ما تكتبه بكل تأكيد لأننا ننتظرك من اجل هجومك على المسؤول ووقوفك بجانب الحق والعدل ولا ننتظرك من اجل سماع الشتم المباشر للأشخاص، فهناك فرقا كبيرا بينك ككاتب وإعلامي كبير وبين من يجلس على المقهى