الجمعة، 17 يوليو 2009

أرحموا مصر يرحمكم الله

وكأن الناس ينتظرون من مصر موقف يرونه خاطيء حتى يبدأ البكاء والعويل على العروبة وعلى مصر التي كانت
هذا ما يتم نقله الآن في وسائل الإعلام العربية التي تضلل الناس بصرف نظرهم عن قضايا العرب الحقيقيه وتجعلهم يحولون أنظارهم إلى أمور لا فائدة منها
منذ سنوات عبرت القوات الأمريكية قناة السويس للمشاركة في ضرب أخواننا في العراق
وعند عبور هذه القوات -ونحن لا نملك أن نمنع أحدا من العبور مهما كان طبقا لإتفاقية حرية الملاحه في الممرات الدوليه- ثار علينا الأخوه العرب وقالوا أنها خيانة
كيف نسمح للقوات الأمريكية بالعبور من قناة السويس
وأن مصر تشارك بصورة مباشرة في ضرب العراق عن طريق سماحها لهذه القوات بالعبور!
طيب يا أخواني ماذا كان يجب علينا أن نفعل في مصر ؟
بالطبع الإجابة تأتي منهم بأن نقول لهم لن تعبروا القناه!
وهل نملك أن نمنع أحدا من العبور من ممر دولي؟
لم ولن يجيب أحدا على هذا السؤال لأن من يتحدث في ذهنه شيء واحد فقط
وهو أن تقول للأمريكي لا تعبر القناه- كيف وعلى أي أساس تقول له لا تعبر- فلا أحد يفكر في هذا!

صحيح أنك تملك قناة السويس، لكن طالما انك لست في حالة حرب فلا يحق لك أن تقوم بمنع أحدا من المرور عبرها


تكرر الأمر هذه الأيام
جميع الفضائيات تبكي على مصر، يبكون وأرى الشماته في عيونهم وهم يقومون بشتمنا يوميا
والسبب هو عبور سفن حربية اسرائيليه قناة السويس
ويسأل الناس والمذيعين وفي البرامج الحواريه كيف تسمح لمصر بعبور السفن الحربية الاسرائيلية من القناه؟
سؤال ساذج من أناس أكثر سذاجه
بالطبع المطلوب من مصر في هذه الحاله كما يتخيل بعض الأخوه العرب بأن نقف ونقول لليهود غير مسموح بالعبور ،وهذا لكي يرد اليهود علينا بأن هناك حرية للملاحة بجميع الممرات الدوليه طبقا للإتفاقيات الدوليه فكيف لنا أن نقول لهم لا تعبروا ،وعندها ستحدث بيننا وبينهم مصيبه ويقف الجميع يتفرج علينا كالعاده
هم الآن ينادوننا بمنع السفن من العبور، وإن منعتها من العبور ستحدث أزمه لإختراقك للإتفاقيات ربما عرضنا لما لا يحمد عقباه مستقبلا، فقد حدث في الماضي وأغلق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خليج العقبه وأنتهى الأمر بحرب 67 ، ولو قمنا بمنعهم من العبور لن يُقال علينا أبطال،
بل إن حدثت حرب سيقول الجميع أن هذا جزاء مصر بسبب اغلاقها لمعبر رفح
هذا المعبر الذي لازال الجميع يتحدثون عنه الذي لولا اغلاقه لضاعت غزه بالكامل من فلسطين
ولو تم فتحه لأنتهز اليهود الفرصه وقاموا بتهجير جميع الغزاويين إلى سيناء ووقفوا على الجانب الآخر ومنعوا عودتهم إلى بلادهم مرة أخرى وكان هذا المخطط هو فرصة العمر لليهود في اخلاء غزه من سكانها ولكن مصر أفشلت مخططهم القذر للسيطره على هذا القطاع وتهجير سكانه
ولكن مع من نتحدث ونقنع من بهذا الأمر ومن سيقتنع بهذا الكلام
الأخوه العرب بكل أسف يريدون الهجوم المستمر ولا أحد فيهم يريد أن يسمع أو أن يقتنع إلا بأن مصر خائنه للأمه العربية والإسلامية

...
مصر مسكينه لا تدري ماذا تفعل وسط هذا الكم المستمر من الإتهامات من قبل الجماهير العربية
مصر حاليا تدير المفاوضات بين اليهود وحماس من جهه- وتدير مفاوضات أخرى بين فتح وحماس من جهة أخرى
ولكن هذا أيضا لم يشفع لمصر عند الكثيرين
فمنهم من يرى أن مصر هي وسيط -غير نزيه- تجاه قضايا فلسطين
ففي المفاوضات بين فلسطين واليهود مصر منحازه لليهود
والمفاوضات بين فتح وحماس فمصر منحازه لفتح على حساب حماس

فقد تركوا الإنقسام الخطير بين الاخوه في فلسطين وجاء الجميع بالعيب على الوسيط وهو مصر
أصبح الوضع داخل فلسطين بين اخواننا مأساويا بكل ما تعنيه الكلمه من اعتقالات وضرب واتهامات بين طرفي فتح وحماس تعدت كل الحدود
وقد ساهمنا نحن الجماهير العربية في هذا الوضع بنصرنا حماس على فتح والعكس وكأننا في مباراة كرة قدم، ونحن كعرب نتحمل المسئولية كامله في وصول الأمور بين الفصائل الفلسطينية إلى هذا الحد، فلا يصح لك كعربي أن تنصر طرفا على آخر، ولا يجوز لك أن تقول على أعضاء فتح أو غيرهم خونه في وسائل الإعلام، فهذا الطرف الذي تسعى لإظهاره بمظهر الخائن يمثل نصف الشعب الفلسطيني
ترك الإعلام المشكلة الرئيسية بين فتح وحماس التي ربما تؤدي إلى تقسيم فلسطين إلى دولتان وتم تحويل نظر العرب جميعا إلى الوسيط وهو مصر
وشهور من المفاوضات وتقريب وجهات النظر على أمل المصالحه وانقاذ الشعب الفلسطيني من الإنقسام
وبعد ذلك نسمع أن السبب الرئيسي في فشل المصالحه هو الوسيط المصري الذي يقوم بالضغط على حماس، وكأن أعضاء حماس أطفال صغار يمكن لهم أن يقبلوا أشياء لا يرضوا عنها
لا أعلم ماذا استفاد الناس من تحويل المشكله إلى مشكلة الوسيط والوضع السيء مستمر في فلسطين بين الأخوه في فتح وحماس وهما يمثلان خط الدفاع الأول للأمه الإسلامية في مواجهة اليهود يستحقوا أن نقوم بفرد صفحات وبرامج كثيره من أجل الوصول إلى مصالحة تحقق الأمان للشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي وتوحيد هذا الصف الفلسطيني الذي يقف في وجه اليهود
أما ترك القضية الأساسية ونشغل أنفسنا بسفينه يهودية عبرت القناه فهذا دليل على أننا نريد البحث عن مشاكل لكي نربح من وراء الصحف والبرامج ولا يهمنا حل مشاكلنا الاساسيه

...

تعلمنا من الأحداث الأخيره دروس هامه في التفرقه بين الخيانه والشرف
فمثلا
أن يمر الأسطول الأمريكي من قناة السويس فهذا هو خيانه
اما أن يجلس الجيش الأمريكي بقواعده في بلاد خليجيه ويضرب العراق يوميا من هذه القواعد منذ عام 1991 فهذا هو الشرف
أن تسمح مصر بعبور حاملات الطائرات الامريكية من قناة السويس خيانه
لكن أن تطير هذه الطائرات في الأجواء العربية وتضرب العراق يوميا فهذا هو الشرف
تصدير الغاز المصري لإسرائيل خيانه
لكن امداد الطائرات الحربية الأمريكية بالطاقة لضرب العراق والصرف على الجيش الأمريكي هو الشرف
إغلاق مصر لمعبر رفح خيانه
أما مساعدة ايران أمريكا لإحتلال العراق وافغانستان هو الشرف
تعاون مصر مع اسرائيل طبقا لإتفاقيه تمت بعد حرب يعلمها الجميع خيانه
أما تعاون بلاد عربية أخرى بعيدين تماما عن اليهود وليس بينهم حروب أو حدود سياسيه بل يتعاونوا في الخفاء من أجل إرضاء أمريكا فهذا هو الشرف
أن تحاول مصر أن تفعل شيئا للقضية الفلسطينية خيانه
أما أن يجلس آخرين أمام الفضائيات من أجل النقد ولا يفعلون هم وبلادهم شيئا وإلقاء اللوم على مصر للهروب من المسئوليه تجاه فلسطين فهذا هو الشرف

...
لست هنا بصدد الهجوم على اخواني في البلاد العربية بسبب القواعد الأمريكية وانتشار آلاف الطائرات والجنود الأمريكان والإنجليز على أراضيهم لأن هذه البلاد بالفعل مغلوبه على أمرها نظرا لحالة الضعف العامه الموجوده عند العرب
فقط أطلب منك أن لا تهاجم مصر وأنت حالك من حالها بل أسوأ، ابحث معي عن حل لننهض بأمتنا ونخرج جميعا من المأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه وبأيدينا
ولا تحاول الإنجراف وراء كلام الفضائيات التي تتخذ من الهجوم على البلاد العربية -خاصة مصر- ماده رئيسية لبرامجها ومحاولة إظهار مصر دائما بأنها شيطان الأمه العربية ومن سيأخذ بالعرب إلى الهاويه
فهؤلاء يبيعون للناس كلام فقط
فمن الأمور المضحكه أن تجد الصحفي أو المذيع يهجم بشده على رئيس عربي ويقول عليه أنه كلب لأمريكا، وهو لو فتح شباك الاستوديو الذي يتحدث منه لوجد القواعد الأمريكية تقف على مرمى بصره!