الأحد، 28 يوليو 2013

كلام يزعّل

(1)
عصر مبارك كان أفضل من عصر طنطاوي وعصام شرف
وعصر طنطاوي وعصام شرف كان أفضل من عصر مرسي وهشام قنديل
وعدد القتلى الذين سقطوا قبيل تنحي مبارك لا يقارن بعدد القتلى الذين سقطوا بعده
وهذا يعني أنه كلما مر علينا الوقت كلما أصبحت الحياه مؤلمه أكثر وأكثر داخل مصر
فلا توجد سنه إلا وما بعدها أسوأ منها
ومنذ قيام ثورة يناير ونحن على هذا الحال
لم يمر علينا شهر واحد إلا وفيه مصيبه أو قتلى أو مأساه إنسانية 
ولا يمر يوم واحد حتى نرى فيه قطع للطرق وحوادث وبلطجة وقلة أدب وسرقة سيارات وحوادث إختطاف من أجل طلب فديه
ومنذ يوم 11 فبراير وكان هناك الإنقسام الرهيب في المجتمع المصري
ولهذا فأنا أضحك بشده ممن يقولون لي أن السيسي تسبب في إنقسام الشعب المصري
منذ يوم 11 فبراير وتم تقسيم الشعب إلى ثوار شرفاء وفلول
ومر الوقت بإستفتاء مارس 2011 وتم تقسيم الثوار الشرفاء إلى أهل دين (غزوة الصناديق) وأهل دنيا وبدع
ثم تم تقسيم أهل الدين فأصبحوا سلفيين وإخوان وجهاديين وصوفيين وأبو إسماعيل
ثم أنقسم السلفيين وأصبحوا حزبين- وظهر الوسط ووالى الإخوان- ثم كانت هناك حربا بين الإخوان والسلفيين
وبعدها إنقسم الثوار إلى 6 إبريل عاديه و 6 إبريل بالجبنه- وألتراس برادعي وألتراس صباحي وألتراس أبو الفتوح
ثم ظهر عبيد مبارك وعبيد العسكر وعبيد المرشد وعبيد أبو إسماعيل وعبيد البرادعي حتى أصبح المصريون كلهم عبيد
كل هذه الأمور كانت مصحوبه بحوادث الألتراس وهجومهم على الداخلية ثم أختتمت المأساه بحادثة بورسعيد والتي فصلت بورسعيد عن جمهورية مصر العربية وراح ضحيتها 74 مشجع بالإضافة إلى العشرات الذين قتلوا يوم النطق بحكم الإعدام ولا أحد إلى الآن سعى لحل هذه الأزمة أو عودة بورسعيد لأحضان مصر مرة أخرى بعد هذا الشرخ الكبير الذي سببته كرة القدم، مرورا بحرق إتحاد كرة القدم ونادي الشرطة على أيدي ألتراس الأهلي 

(2)
وتتوالى أحداث الفوضى والهجوم على مؤسسات الدوله بدءا من أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو ووزارة الدفاع وإنتهاءا بحادثي الحرس الجمهوري وقطع طريق النصر، وفي كل هذه الأحداث كان هناك طرف فائز وهو المحرض، وكان هناك طرف خسر روحه من أجل هذا الذي قام بالتحريض،
  وزيادة أعداد القتلى تأتي في مصلحة السياسيين بالدرجة الأولى، ولهذا تجد انه من المؤسف أن يحدث (كذب) في عدد الضحايا من جانب السياسيين وكأنهم يتمنوا أن يصبح القتلى 200 او 300 حتى تتأكد وجهة نظرهم في الأحداث الجارية بينما الأعداد الحقيقية مخالفة لما يتمنوه، وهذا يدل على أنهم يستغلون ضحاياهم قنطرة للوصول إلى المناصب، ومن مات لن يكسب أهله أي شيء ولا حتى لهم نصيب يشاهدوا بلدهم أصبحت لها قيمة بل جاء إليهم إحساس أن هؤلاء دفعوا حياتهم مجانا من أجل أن يفوز هذا أو ذاك بالمنصب ويحقق غرضة بالمتاجره بالدماء في الفضائيات، أما أن يؤثر من مات تأثير إيجابي في وضع الدوله فهذا لم يحدث لأنه كان يتبع شياطين الإنس وهو على قيد الحياه وتخيل أن التضحية بروحه ستكون في سبيل رفعة الوطن وفي الحقيقه روحه ذهبت هدرا بسبب كلاب السلطه
ثم استوطن الإرهابيون سيناء وأستخدمهم البعض لتحقيق أغراضة حتى أصبحت سيناء خارج السيطرة تماما وفوجئنا بمن كان في السلطه وينصحنا بعودة الرئيس من أجل إيقاف العمليات العسكرية هناك
وأنتشرت الإعتصامات والإضرابات في مترو الأنفاق وتعطلت السكك الحديدية وكل واحد عمل مشاجرة مع زوجته نزل وقطع الطريق وأوقفه بالساعات ولا يستطيع الأمن التعامل معه
وتجرأ سائقي الميكروباصات على ضباط الشرطة حتى أصبح ضابط الشرطة لا حول له ولا قوة في الشارع
وتعرضت الشرطة للشتم إلى يومنا هذا ولا تعرف ماذا يريد البعض بالضبط، فتارة يتهمون الشرطة بأنها لا تعمل وتارة أخرى يقولون "الداخلية بلطجية"، يعني نلوم الشرطة إذا لم تعمل ونوجه إليها اللوم إذا تعاملت مع الخارجين عن القانون
 وأصبح المبدأ العام عند أغلب الناس أن للمتظاهر الحق في أن يفعل ما يشاء وإن تصدت له الشرطة ظهر علينا بعض الأخوه ونددوا بالقهر الذي يتعرض له المواطن على يديهم ولا أحد يعلق على هذا المواطن وأفعاله ويسأل هل هو بالفعل مجني عليه أم أنه جاني، وبمجرد أن تجد أي حوار فيه إحتكاك بين الشرطة والجيش من طرف مع متظاهر فدائما ما يكون المتظاهر على حق وما سواه على باطل حتى لو قام بقطع الطريق أو حمل سلاح أو تسبب في إرهاب الناس
وياويلك إن قمت بتوجيه إتهام إلى من قام بتحريض متظاهر داخل مصر
وياويلك لو قلت له كان معك سلاح أو ضربت نار على الطرف الآخر
وياويلك إن سألته كيف لك أن تقطع الطريق وتعطل مصالح الناس
 سوف تسمع ما لا يرضيك من أنصار التظاهر وأغلب الحديث سيكون عن أنك تقوم بتبرير قتلهم وأنك فاقد للإنسانية ومناصر للباطل على حساب الحق وفي نهاية الحوار يسأل الله أن يذيقك موت إبنك أو أخيك أو صديقك حتى تتعظ وتقول الحق
 وكان هذا رأي البلتاجي يوم 26 يناير الماضي
أما الآن فهو يستنجد بالمجتمع الدولي -ومعه القرضاوي- مما يحدث ويطالبه بالتدخل!


(3) 
التحالفات بين ما يسمى بالتيار الإسلامي والتيار المدني وبينهما داخل بعض تتم وفقا للمصالح وليست وفقا لمصلحة الوطن، وفي هذه الأثناء يتم إستغلال الحشد الجماهيري من أجل تحقيق المصلحة المطلوبه
فتارة وجدنا التيار المدني يتحالف مع الإسلامي ويقوم الإثنان بشتم الجيش
ومرة أخرى وجدنا التيار الإسلامي يتحالف مع الجيش ويشتم التيار المدني
وأخيرا شاهدنا التيار المدني وحزب النور والجيش في جهه ضد الإخوان
وكلها تحالفات غير منطقية ولكنها تمت وليدة المصلحة التي فرضتها الظروف الوقتية 
فلا أحد يحب أحد- لكن لا مانع من إستغلال طرف لتحقيق مصلحتي في النهاية
 ولهذا تلاحظ أنه كان من المستحيل على التيار المدني الإعتراف بإقتحام أعضاء من حزب الله وحركة حماس للسجون المصرية كما قال المرحوم عمر سليمان في شهادته بالمحكمة وكانوا يسخرون من هذا الكلام وقت أن كان هناك شهر عسل بينهم وبين الإخوان، فكان من غير المنطقي أن يكون هناك أجنبي على علم بما سيحدث في مصر يوم 28 يناير مما يدفعه بأن يأتي من بلده إلى مصر لينفذ عمليه بعينها دون أن يخبره أحد من داخل مصر بذلك، لكنهم بعد أن أختلفوا مع الإخوان بدأ الرجوع مرة أخرى لكلام عمر سليمان وتصديقه ليس بغرض معرفة الحقيقه ولكن لأن الإخوان كانوا أغبياء في تعاملهم أثناء فترة حكمهم مما دفع التيار المدني إلى البحث في الدفاتر القديمه من أجل الإنتقام منهم،، تماما كما كان البرادعي بالنسبة للإخوان رجل فاضل ومفجر للثورة المصرية وأن موضوع تدمير العراق كان تشويه من نظام مبارك لكن عندما حدث الخلاف أصبح البرادعي في نظر تيار الإسلام السياسي مدمر للعراق وشيعي وعلماني ورسول الكفر
ولأول مرة في التاريخ تمت محاصرة وزارة الدفاع ومدينة الإنتاج الإعلامي والمحكمة الدستورية ودار القضاء العالي والقصر الجمهوري ومنازل الوزراء
وانتشر السلاح داخل مصر وأصبح موجودا في كل شارع وفي كل حاره، وأصبحت من المناظر المألوفة لدينا أن نرى مشاجرة بالخرطوش والرصاص الحي في الأحياء الشعبية وغير الشعبيه، وهناك بشرا عاديين يسيرون في الشوارع ويضعون مسدسات داخل السيارات الخاصة بهم خشية تعرضهم للسرقة
 وللمرة الأولى رأينا مشايخ أصابتهم لوثة عقلية وخرجوا عن نطاق الفضيلة الذي كانوا يتحدثون به طول عمرهم حتى وجدنا الوجه المتطرف والقاسي والمنفر وتعجبنا كيف لرجال الدين أن يكونوا بهذا الشكل وكيف أن هذا الكلام يصدر من الشيخ فلان!
وقضايا يتم رفعها بين أطراف لا علاقة لهم ببعض ولا تعرف ما الذي جعل هذا يحتك بهذا حتى تكون بينهم قضية
وأنتشرت السفالة وقلة الأدب على شاشات الفضائيات سواء دينية أو غير دينية ولكن كل واحد يرى الأمر من وجهة نظره حتى يحارب الطرف الآخر من خلاله وكأنه لا يخطيء
وفي النهاية تشاجر الإخوة مع بعضهم داخل العمل وفي البيوت وعلى الإنترنت وقاموا بحذف بعضهم البعض على الفيس بوك وشتموا بعضهم علنا أمام كل الناس
هذا بإختصار شديد جدا نتاج ثورة 25 يناير 2011
ولا أدري في الحقيقه ماذا سيفعل الناس في 25 يناير القادم، هناك من يريد أن يداري "الخيبة" التي وصلنا إليها بقوله: أي شيء يهون طالما أن مبارك ليس في الحكم، هو يعرف أن هناك أزمات شديده لكن يخدع نفسه بهذا الكلام حتى يهرب من الواقع
أنت قمت بثوره- وبعد مرور ثلاث سنوات عليها صار وضعك أسوأ مما كنت عليه بمراحل وكل يوم يمر عليك تغرق أكثر وأكثر في الفوضى والفقر والمرض والطائفية الحزبية والمذهبية والدينية، فهل من أجل هذا قمت بالثوره؟

(4) 
 هذه الحقيقه التي ينكرها الكثيرين ويتهربون منها ويلقون باللوم على أطراف أخرى لها يد في الأزمات بالفعل ولكن عليك بالعوده إلى الوراء حيث تم ترسيخ مباديء الإعتصام والإضراب وضرب الشرطة والإعتداء على المؤسسات وأن تتجرأ على المسئول وأن تنزل من بيتك لتنتزع السلطه بيديك، كل هذا لم نتعلمه إلا من ثورة يناير
ولأننا ينقصنا الأدب والأخلاق الحسنه والفضيله والبر والتقوى وصلنا إلى هذا الحال
فكانت ثورة يناير هي التي كسرت (حاجز الخوف) كما يقولون وأظهرت مواهب قلة الأدب والبجاحة والتسلط والشماته والرغبة في رؤية الموتى والكيل بمكيالين ورؤية المصائب حتى نفرح في الطرف الآخر بالإضافة إلى (التعريــــض) والفجور في الخصام- هذه هي مواهب التي كانت مدفونه قبل ثورة يناير في نفوس المصريين وساهمت الحرية في خروجها

وما أعجب أن تسمع من يقول لك أن الشعب المصري متدين بطبعه!
 
الثورة نفسها كانت حلم جميل، لكن الأمور تم حسابها بطريقة خاطئة تماما
فقد تصور عديمي الخبره أن بمجرد عزل الحاكم سوف تتحول الدوله إلى جنه وكأنهم لا يعيشون معنا في مصر ولا يعلمون ما هي مصر، ولم أكن يوما أهاجم الثورة نفسها ولكني كنت أهاجم جهل البعض بالحياه داخل بلدنا وطبيعة البشر وردود أفعالهم لو تركت سقف الحرية بلا رابط، وتعجبت كيف لك أن تعيش في بلدنا كل هذه الفترة ولم تلاحظ أنه في حالة حدوث إرتخاء لجهاز الشرطة أو لمجرد شعور البعض بوجود بصيص من الفوضى سوف تتحول الدوله إلى غابة كل واحد يريد أن يأخذ حقه فيها بيده!
 أن تقوم بثورة وتطيح بالحاكم وبالشرطة في الوقت الذي فيه بشر بأخلاقنا هذه كان أكبر الأخطاء التي حدثت في تاريخ مصر الحديث وهي التي أدت إلى الوضع الذي نحن عليه الآن
وبعد أن أخرجت الثورة أسوأ ما في المصريين أبشرك بأن هذا الوضع سوف يستمر طويلا ولن نتحد مرة أخرى ونبقى على قلب رجل واحد إلا إذا حلت بالبلد مصيبة كبرى ذاق مرارتها الجميع مسلم ومسيحي وليبرالي وعلماني وإخواني وسلفي وشيعي ولا ديني، وقتها فقط سوف نفيق من الغيبوبة الطائفية الحزبية التي قتلت أولادنا وإخواننا وجعلت الكراهية تتسرب إلى بيوتنا وجعلتنا نهاجم أصدقائنا لأن الخراب سوف يحل على الجميع، وعندما يتساوى الناس في الظلم يبدأ الكل في الإتحاد والتفكير في الخروج من الأزمه، وهذا ما كان يحدث أيام مبارك بالفعل، لكن مع الأسف بعد إنتهاء الأزمه خلقنا ازمات أخرى بأيدينا جعلت من حالنا أكثر سوءا مما كنا عليه لأننا أغبياء وطماعين ونسير دائما مع الشيطان من أجل مصالحنا

(5)
إلى البلاد العربية التي تتمنى القيام بثورة على النظام الحاكم
لا تقوم بعمل ثورة قبل أن تعلم الناس
قم بتعليمهم اولا أن للحريات أصول وواجبات
فالثورة مع الجهل تعني الفشل الكبير والعوده للوراء
أنظر إلى مصر وتونس وليبيا واليمن وأنت ترى بنفسك
العبره ليست بالتخلص من الحاكم والتصويت في الإنتخابات
العبره بأن يتغير حالك للأفضل بعد أن يرحل هذا الحاكم
.......
أستأذنكم في أجازة الإعتكاف