السبت، 8 فبراير 2014

العدالة الإجتماعية المعقده

(1)
موظف البنك موظف حكومي
وموظف البترول موظف حكومي
وموظفي هيئة الإستثمار وغيرهم من (بعض) المؤسسات التابعه للدوله هم موظفين حكومة
وطبيب القطاع العام موظف حكومي
والمدرس موظف حكومي
وعامل النظافة موظف حكومي
ومن يقوم بتسليك المجاري موظف حكومي 
بعد أن ُ يصاب أحدهم بالمرض ويحتاج إلى إجراء جراحة
موظف البنك وموظف شركة البترول يذهب إلى مستشفى السلام الدولي ومستشفى النيل بدراوي ومستشفى دار الفؤاد
أما المدرس وعامل النظافة والطبيب فيذهبوا إلى مستشفيات التأمين الصحي والمبره ليأخذوا دورهم في العلاج

و الكل يعمل في الحكومه

لكن هناك من له مميزات تجعله يحصل على الخدمات العلاجية والترفيهيه (مثل المصايف والرحلات وغيرها) والبعض الآخر لا يحصل على أي شيء إلا راتبه القليل
هذا يعمل في مكان يوفر له بدلات وحوافز ومصادر عديده للدخل بينما الآخر لا يطول إلا راتبه مع وجود إستقطاعات التأمينات والضرائب، والإثنان يعملان في الحكومه
أعتقد أن هذا غير موجود في أي مكان بالعالم إلا مصر
(2)
قال لي أحدهم: أنظر إلى المدرس والطبيب ماذا يفعلوا
إنهم يعطون دروس خصوصيه ويفتحون عيادات ويحصلون على الكثير من الأموال
هذا تقدير خاطيء 
أنت ليس لك علاقه بما يفعله المدرس بعد إنتهاء اليوم الدراسي
ولا علاقة لك بما يفعله الطبيب بعد إنتهاء يوم عمله
ما يعنيني في الأمر هو شيء واحد
هذا مهنته مدرس- إذن يجب أن يكون راتبه كذا
وهذا مهنته طبيب- فيجب أن يكون راتبه كذا
أما التعليل بأن هذا يعطي دروس فهذا ليس من شأن أحد
وهناك موظفين داخل القطاع الحكومي ليس لهم أي شيء في الدنيا إلا راتبهم الشهري ووظائفهم لا تدير عليهم دخلا إضافيا بعد العمل مثل إداري المدرسة والأخصائي الإجتماعي والموظفين العاديين داخل الإدارات التعليمية وداخل مختلف وزارات الدوله
فيضطر كل واحد فيهم أن يعمل على تاكسي أو يبحث عن عمل إضافي حتى يستطيع أن يوفر المال اللازم لمعيشته هو وأسرته
(3)
على الجانب الآخر، تابعت مؤخرا إضراب الأطباء
والملاحظ أن كل واحد بدأ يتحرك (وحده) من أجل الحصول على زيادة راتبه
وما لم يعجبني أن هناك من تحدث كونه (طبيب) وينبغي أن يعيش عيشة أفضل من التي هو عليها لأنه (طبيب)
وكان من ضمن مطالب الأطباء تحسين بيئة العمل بالإضافة إلى رفع الراتب
  وتذكرت على الفور عامل مزلقان السكك الحديديه الذي يجلس في العراء طول الليل بلا كشك يحميه من البرد ويقضي حاجته في الشارع ومسئول عن أرواح الآلاف ولا يوجد له بديل في الورديه ولا يجد من ينظر إليه وفي النهايه يحصل على راتب قليل لا يكفيه وعندما تحدث كارثه فإنه أول من يدخل السجن
إذن أنت طبيب وتطالب بعيشه كريمة لأنك طبيب
لكن باقي فئات المجتمع تطالب بعيشه كريمة لحقهم في الحياه
فأي فرد من حقه السكن والزواج والحصول على راتب يكفيه ليصرف به على عائلته
وأي فرد من حقه أن يقوم بتعليم أولاده سواء كان طبيب أو غير طبيب
إذن المنظومه يجب أن تتحرك كلها في نفس الوقت ولا ينظر أحد لنفسه  
نعم هناك أزمة في الراتب وأزمة في ظروف العمل
لكن هذه الأزمه واقعه على الجميع وليس الأطباء وحدهم
يجب أن يعلم الجميع أن العيشه الكريمه هي مطلب للكل وليست حكرا على طائفه بعينها
(4)
هتفوا في ميدان التحرير "عيش حرية عداله إجتماعيه"
لكن إن ذهبت إلى الموظف الحكومي الذي نزل ميدان التحرير وطالبته بأن يتنازل عن ألف جنيه من راتبه أو 500 جنيه شهريا
وتطالب موظف القطاع الخاص بأن تطبق عليه ضرائب تصاعديه ويقل راتبه من أجل تحقيق العداله الإجتماعيه التي كان يتظاهر من أجلها في الشارع ويتغنى بها في كل مكان، بالتأكيد سوف يكون الرفض هو الشيء المنطقي
أنا أريد العداله الإجتماعيه- لكن لا تقترب مني ولا من راتبي
وإن كان بعضهم يلوم على المستشار الذي يحصل على عشرات الآلاف شهريا ويريد أن يخفض راتبه من أجل العداله الإجتماعيه
فهل تقبل يا سيدي الفاضل أن تخفض راتبك من 4000 أو 5000 ليصبح 3000 من أجل تحقيق العداله؟
بالتأكيد نحن نحكي في أوهام ولن يرضى أحد بهذا
نعم أنا أريد العداله الإجتماعية وأتحدث بها أمام شاشات الفضائيات، لكن في الوقت نفسه لا تقترب من راتبي من أجل تحقيقها
وأنت لن تستطيع أن ترفع راتب شرائح عديده من الموظفين إلا عن طريق أخذ أموال من آخرين، ولكن لن يرضى أحد بأن تأخذ قرشا واحدا من راتبه لكي تحقق هذه العداله، وسوف يتحجج البعض بأن الدوله غنيه وعليكم بأن تبحثوا عن مواردها لكي تقوموا بتعلية الرواتب، لكن مصر ليست غنيه وطول عمرها تعيش على المعونات وهذا ما كنا نصرخ به هنا منذ سنوات ولم يصدقنا أحد
وأعتقد أن هذا الأمر لن يستطيع أحد تطبيقه ومن يتحدث فيه فإنه يكذب على نفسه ويخدع الناس
فلا أنت تستطيع أن ترفع رواتب هؤلاء، ولن يرضى أحد بأن تستقطع من راتبه لتعطي موظف آخر
غالبا سيبقى الأمر كما هو
كل واحد سواء كان طبيب أو مهندس أو مدرس يحصل على راتبة من الحكومة ثم يسعى لزيادة دخله بأي طريقة عن طريق العمل الإضافي
وعامل المزلقان سيظل هو المتهم الأول في حوادث القطارات
وعامل النظافه سوف يتسول من الناس وهو يعمل في شركة كبيره
أهم شيء هو أن يبقى البنزين والسولار في المحطات، وتذكرة مترو الأنفاق ثمنها جنيه، ورغيف العيش ثمنه خمس قروش